مقال بعنوان محافظة الأنبار: كنز العراق الجغرافي والاقتصادي

محافظة الأنبار: كنز العراق الجغرافي والاقتصادي

اعداد :م.د. وداد حماد مخلف الفهداوي

كلية التربية للبنات – قسم الجغرافية

الأربعاء 19ا/2/2025

تعد محافظة الانبار من المحافظات الحدودية من الناحية الغربية للعراق، وهي بمثابة المنطقة الانتقالية أو الجسر الأرضي بين العراق وعدد من دول الجوار العربي، لذلك فهي تعد محافظة ذات صفة جيوستراتيجية مهمة، و من المعروف في الجغرافية السياسية ان من بين أهم مناطق الدولة هي التي تشكل أرضها حدودا دولية. ومما لا شك فيه ان امتداد العامل الجغرافي يخلق ظاهرة من التفاعلات المتداخلة والمتواصلة بين الوحدة السياسية ودول الجوار تنعكس أثارها على نوع العلاقات الدولية خصوصا إذا كانت تتشابه في القومية والأيديولوجية. 

فلكيا تقع محافظة الانبار بين دائرتي عرض( 8, ْ31- 6 , ْ35) شمالاً وبين خطي طول ( 3، ْ39 - 4, ْ44) شرقاً مما يعني وقوع منطقة الدراسة ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة التي تمتاز بقلة سقوط الأمطار وتذبذبها من سنة لأخرىمما يعني انها تمتاز بموقع قاري اكسبها أهمية جيواستراتيجية عبر التاريخ، حيث مثلت عقدة المواصلات بين الشرق الآسيوي والغرب المتوسطي,  كطريق تسلكه القوافل التجارية وذلك قبل افتتاح قناة السويس من عام 1869 وتمر بمسيرها عبر الأودية الصحراوية المنتشرة في الهضبة الغربية ومن أهمها وادي حوران . وبالنسبة للمساحة تشغل محافظة الانبار حوالي (138579)كم2 وتشكل ما نسبته (32% ) من مساحة العراق البالغة ( 437,072 )كم2 , وبهذا الامتداد الجغرافي وفرت مزايا جيوبوليتيكية لها أهمية من ناحية تحليل القوة السياسية  وهذه القوة تأتي من خلال الاستثمار الامثل لها. فقد تنطوي بعض الحالات السلبية على المساحة الكبيرة وتتحول من ميزة ايجابية إلى عبء قد يقع على عاتق الدولة في حالة ترامي مدنها وقلة سكانها فتعجز عن توفير الحماية العسكرية لها , أما شكل المحافظة  فيعد نمط الامتداد الذي يتخذه الإقليم ويشكل احد عناصر القوة المورفولوجية في الوحدة السياسية ,ويؤثر من ناحية الدفاع والسيطرة المركزية داخل الدولة أو الإقليم ,وعند تحليل شكل محافظة الانبار فانه يعد من الأشكال الهندسية المتماثلة حيث يمتد لمسافة عرض (500 كم) ومسافة طول تبلغ ( 520كم) فعلى الرغم من التطور التقني في الأسلحة الحربية التي أثرت في التقليل من أهمية شكل الإقليم إلا انه لا يزال يعد من العوامل المؤثرة في العلاقات السياسية والاقتصادية وفي التطور الداخلي للوحدة السياسية,كما تترتب عليه أهمية جيوبوليتيكية من حيث إمكانية توزيع المراكز الحيوية على صفحة اقليهما الجغرافي ومن هنا نجد  ان الطبيعة الجغرافية للمحافظة تمثل قوة جيواستراتيجية سيما فيما يتعلق بتوفير الموارد الطبيعية ومنها الموارد المائية التي تشكل عصب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ان للموقع الإستراتيجي له الدور المهم في وزن المحافظة السياسي اذا ماقورن ببقية محافظات العراق من خلال اشرافها على ثلاث دول عربية لها ثقلها السياسي بالنسبة للوطن العربي والشرق الأوسط إضافة الى الطريق الدولي النابض بالتجارة بين الأردن وسوريا والعراق وفيما يلي جدول يوضح أبرز هذه الموارد المعدنية ومواقعها وكميات الاحتياطي المقدرة في محافظة الانبار

المصدر الموارد المعدنية في محافظة الانباروأثرها في قوة العراق , عراك تركي حمادي الفهداوي, مجلة جامعة الانبار للعلوم الإنسانية , 2010 ,ص55

وتُعدُّ محافظة الأنبار منطقة غنية بالموارد الهيدروكربونية، حيث تحتوي على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي. فيما يلي جدول يوضح أبرز هذه الموارد وكمياتها المقدرة:

المصدر : شذى خليل, حقول نفطية جديدة في انبار العراق وسط تحديات سياسية واقتصادية, 2022, https://rawabetcenter.com/archives/149496

كما ان للحدود مع دول الجوار أهمية استراتيجية حيث تمتد الحدود العراقية السورية عبر الأنبار لمسافة طويلة، ويُعتبر معبر القائم – البوكمال من أهم المنافذ الحدودية التي تربط البلدين. اذ شكلت تلك الحدود مسرحًا للأحداث الأمنية، خاصة مع انتشار الجماعات المسلحة وعمليات التهريب خلال انعدام الاستقرار الأمني في سوريا منذ اندلاع الثورة عام 2011 والى عام 2024 حيث تغيير النظام السياسي داخل الأراضي السورية , ويُعد معبر طريبيل هو الرابط الرئيسي بين العراق والأردن، ويشكل منفذًا تجاريًا حيويًا للبضائع القادمة من وإلى الأردن,وتسهم هذه الحدود في تسهيل التبادل التجاري بين العراق والعالم عبر الاراضي الأردنية، خاصة مع ارتباط طريبيل بشبكة طرق دولية تربط بغداد بالعاصمة عمان , بينما تمتد الحدود العراقية السعودية لمسافات طويلة عبر صحراء الأنبار، وكانت تُستخدم تاريخيًا كممر للمسافرين والتجار,ويعد منفذ عرعر من أهم المعابر بين العراق والسعودية، حيث شهد تحسنًا في السنوات الأخيرة ليصبح بوابة رئيسية للتجارة والحج. تلعب الأنبار دورًا مهمًا في التجارة الدولية بين العراق والدول المجاورة. حيث تعتبر المعابر الحدودية في المحافظة شريانًا رئيسيًا للحركة التجارية، وتساعد في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة، خاصة مع تنشيط قطاع النقل والخدمات اللوجستية .

تمتلك محافظة الأنبار العديد من المقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية  بما يميزها ان تمتلك افاق واسعة لتطوير نظام البيئة النظيفة وإنتاج الطاقة الشمسية والريحية الى جانب المرافق السياحية اذا ما تم التخطيط  الاستراتيجي الهادف الى استغلال المساحات الصحراوية الواسعة والمناطق المطلة على ضفاف الفرات .