مقال للباحث جنيد عبدالكريم خلف
مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة الأنبار
منذ وصول دونالد ترمب إلى السلطة ازداد الضغط والتوتر ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية(إيران) فيما يخص الملف النووي الإيراني, وملف رفع العقوبات, فضلًا عن النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط والدعم الإيراني للفصائل المسلحة في العديد من البلدان العربية.
وفي العودة إلى طبيعة المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية إيران, اتسم أسلوب التفاوض الأمريكي مع طهران بالسعي للتوافق وخلق فرص تمكن إيران من إعادة رسم دبلوماسيتها وفق ما يحقق الاستقرار والأهداف الأمريكية في المنطقة, اتفاق عام ???? بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران, ففي اتفاق ?? تموز ???? بين واشنطن وطهران، توصلت كل من الصين وفرنسا والمانيا وروسيا والمملكة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وإيران الى خطة عمل شاملة مشتركة ?+? لضمان ان يكون البرنامج النووي الإيراني سلميًا حصرًا، وتشعر الولايات المتحدة الأمريكية أنها أخطأت في إفساح المجال أمام طهران في مجال توسيع برنامجها النووي، ما أعطاها القدرة على تكثيف دعمها لهذه المجاميع الإقليمية.
بالمقابل وافقت إيران على عدم إجراء أبحاث أو إعادة معالجة الوقود المستهلك أو بناء مفاعلات إضافية للماء الثقيل أو تجميعه، وإيقاف منشأة فوردو عن إجراء تخصيب اليورانيوم على الأقل لمدة ?? عام وضمن الإتفاق تحويل المنشأة إلى مراكز للتكنولوجيا النووية، لربما إيران تستمد أملها بالتفاوض مع واشنطن من أن الأخيرة من الممكن أن يصل إلى مذكرة تفاهم قد تمنح طهران الفرصة لتجنب الضربة العسكرية او مزيد من العقوبات.
وبطبيعة الحال نرى أن دبلوماسية طهران متذبذبة في تفاوضها مع واشنطن فهي من ناحية تصف بأن تفاوضها يسري بشكل جيد وبناء, ومن ناحية اخرى نراها تضع بعض الخطوط الحمراء في ما يخص برنامجها النووي ودعمها للمجاميع المسلحة، إذ أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عن اعتقاده إن واشنطن دخلت في هذه التفاوض بناء على نفس التعليمات الي كانت لديها ، وأوضح أن إيران تقوم بالحوار مع الجانب الأمريكي بشأن القضية النووية ورفع العقوبات وفقًا لتوجيهات النظام والتزامًا من قبل وزارة الخارجية بحسب وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء، مقابل اصرار واشنطن على تنفيذ برنامجها في مناطق الشرق الاوسط واستمرارها بالضغط على طهران نرى ان الاخيرة تحاول التهدئة والسلم وترفض الدخول بالحرب كما ان طهران تسعى الى خلق مفاوضات ودية مع الجانب الامريكي والحصول على نتائج مرضيه اقليميا،
وفي المفاوضات التي جرت واشنطن وطهران في ? مايو ???? اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ان الولايات المتحدة الأمريكية سوف تنسحب من الاتفاق النووي مع إيران، وفي أيلول ???? اعلنت واشنطن عن نيتها فرض عقوبات على اي دولة تتعامل مع إيران او تستورد النفط الإيراني، وشدد ترمب العقوبات وأمر وزارة الخزانة بتشديد العقوبات وريما تعود هذه العقوبات على عدة نقاط منها ردا على الهجوم المشتبه الذي شنته إيران على مرافق النفط السعودية الرئيسية، واستهدفت العقوبات ايضا البنوك المحلية الإيرانية، وفي ?? شباط ???? وضعت إيران على القائمة السوداء الخاصة بمجموعة العمل المالي، وفي ?? آب ???? رفض مجلس الامن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتمديد حظر بيع الاسلحة لإيران على خلفية نص اتفاق عام ???? على انهاء فترة حظر بيع الأسلحة لإيران في ?? تشرين الأول ????، وبعد انتهاء المدة المحددة يسمح لإيران بشراء الأسلحة من المصادر الخارجية.
وجاءت نتائج اللقاء الاول في سلطنة عمان غير مستقرة فهناك من يرى انها مفاوضات انتهت في اجواء بناءة ومهنية بحسب منصة اكس ، وكما قالت المتحدثة باسم الحكومة الايرانية فاطمة مهاجراني "إن بلادها تتبع مسار الدبلوماسية بهدف رفع العقوبات الاميركية وتخفيف الضغوط عن الشعب الايراني"، يناضرها تصريح الرئيس الاميركي دونالد ترمب على متن الطائرة ان الجولة الاولى من المفاوضات تمضي على نحو جيد ،
وعلى الرغم من ان القرار الامريكي بإنهاء البرنامج النووي الايراني يحظى بتأييد اسرائيلي واقليمي الا اننا نلاحظ ان طهران تبدو اكثر استعدادًا للحفاظ على مصالحها واستمرار برنامجها النووي وعلى ان الحوار يسري ضمن مصلحتها وهذا لا ينسجم مع قرارات واشنطن غير الثابتة،
وجدير بالذكر أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية زار طهران في نيسان 2025 لبحث التعاون في البرنامج النووي في ظل توتر العلاقة بين الطرفين مع تمسك ايران بحقها في تخصيب اليوانيوم، من زاوية اخرى اوضح وزير الخارجية الايراني أن حق طهران في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض خلال المحادثات مع واشنطن ، في حال اصرار طهران بتخصيب اليورانيوم قد يؤدي الى توتر المفاوضات بين الطرفين لكون الولايات المتحدة الامريكية متناقضة في تصريحاتها وهذه ما يعرقل التفاوض في ما بينهم حسب تصريح وزير الخارجية الايراني، الا ان طهران تأمل في التوصل الى تفاوض من دون ضغوط ، من زاوية اخرى نرى التفاوض الذي اجرته طهران مع واشنطن في مسقط اتصف بالايجابية وشكل خطوة الى الامام ، وجاء على لسان المرشد الاعلى "علي خامنئي" اذ أكد بان الوفد الايراني قام بتنفيذ ما هو مطلوب منه بشكل جيد حسب تعبيره.
وبحسب تصريح عراقجي وزير الخارجية الايراني الذي جاء على هامش اجتماع مجلس الوزراء معلقًا على منشور ستيف ويتكوف المبعوث الاميركي الرئاسي في الشرق الاوسط ورئيس الوفد الامريكي مع ايران في ما يخص الملف النووي الايراني والتي قال فيها "إن ايران عليها ان توقف وتنهي برنامجها في تخصيب اليورانيوم وهذه واحدة من الخطوط الحمراء التي حددها النظام الايراني في التفاوض مع واشنطن في ما يخص الملف النووي" .
لذا فإن ايران تمتلك خطوطًا حمراء من الصعب التنازل عنها والولايات المتحدة الامريكية لديها النموذج الليبي او ما يسمى بـ برنامج ليبيا وهذه مرفوض بالنسبة لطهران، لكن طهران مستعدة لتقديم ضمانات فيما يخص برنامجها النووي دون ايقاف هذه ما يعكس صورة التوتر الذي تحاول طهران اخفائه وتستخدم دبلوماسية زاحفة لكسب ود واشنطن ،
وتشدد ايران على ان تخصيبها لليورانيوم أمرًا غير قابل للتفاوض، فيما يرتكز الموقف الأمريكي على ضرورة الحفاظ على حد معين لتخصيب اليورانيوم الإيراني , وقطع تمدد إيران الإقليمي ومنع وصول الجماعات التابعة لها لمراكز حيوية في المنطقة؛ كجزء من استراتيجيتها في الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وتنفيذ أجندتها في الشرق الأوسط.
واوضحت مصادر دبلوماسية ان الخلافات التي تواجه الطرفين تتركز في جملة نقاط منها:
أن ايران ترفض التفاوض في مبدا تخصيب اليورانيوم حسب تصريح عراقجي من زاوية نرى ان ايران مستعدة لتراجع عن نسبه اليورانيوم المخصب لديها والكمية المتاحة لها
قالت هذه المصادر ان التوتر والخلاف يدور حول نسبه التخصيب - نص اتفاق ايفينا عام 2015 الذي ينص على ان " لا يجب ان تتحاوز ايران في نسبة التخصيب عن 3,67% اي اقل من 4% بينما زادت ايران التخصيب الى اكثر من 60% اي الى ما هو ابعد بكثير ماهو منصوص عليه في اتفاق ايفينا , وان الخلاف بالنسبة لكمية اليورانيوم المخصب والمخزن لدى ايران اتفاق ايفينا ينص على انه لا يجب ان يتجاوز عن 300 كغ ولدا الوكالة الدولية للطاقة الذرية مخاوف من ان يكون حجم اليورانيوم المخصب قد تجاوز هذه الحد بكثير. وخلاف حول عدد اجهزة الطرد المركزي بنص اتفاق ايفينا ان لا يتحاوز العدد 5060 جهاز طرد مركزي ويجب ان توضع في مستودعات تخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذه الوكالة لديها شكوك من ان طهران التزمت بعدد اجهزة الطرد المركزي المنصوص عليها في اتفاقية ايفينا, الخلاف ايضاً حول طراز اجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في عمليه التخصيب ، الغربيون يصرون على ان نص اتفاق ايفينا ينص على ان وحدة الطراز القديم من اجهزة الطرد المركزي (ARi1) مسموح لايران باستخدامه بعملية تخصيب اليورانيوم ومحرم عليها استخدام اجهزة طرد من طراز (IR4,IR5,IR6,IR7,IR8), واشارت هذه المصادر الدبلوماسية من ان الولايات المتحدة الامريكية طلبت من مبعوثها وزير الخاريجة ( مارك) ومعهُ استيفويتكوف الى باريس المبعوث الرئاسي الامريكي حيث طلبت من فرنسا وبريطانيا والمانيا ممارسة الضغط على طهران فيما طلبت طهران بالمقابل من روسيا والصين دعم موقف التفاوض في روما.